ملامح العصر العتيق في مصر القديمة (3200 ق م - 2750 ق م)

حين ابتكر المصري القديم الرموز التصويرية التي شغلت أسطح أواني الفخار في عصور ما قبل التاريخ، أدرك أهميتها التجارية والثقافية ودورها الفعال في ترابط أهل الشمال والجنوب بهذا التراث الذي أنتجه أهل نقادة في الجنوب...، ففكر في تحويلها إلى كتابة منطوقة كي تسهل عليه عملية التخاطب والتفاهم فيما بينهم...، فاهتدى إلى معرفة "الكتابة" وابتكار أبجديتها ومفرداتها، التي فتحت معها أبواب العلم والمعرفة وكانت بداية عهد اتسعت فيه معارف الإنسان بآثار الأولين، واكتملت معها أهم "عنصر" من عناصر وأسس الحضارة المصرية القديمة وهو ( الدولة).

- ومنها ابتكر الفنان نوعا جديدا من الفن هو" فن الكتابة الهيروغليفية"، لكونها كتابة تصويرية، من ألمع فنون هذا العصر، التي أثمرت عن تلك اللوحات الملكية الجنائزية، التي تميز بها هذا العصر وغيرها من الإبداعات. 

- وكان الفن من أهم المصادر الأثرية التي ساهمت في تأريخ تلك الفترة وأفصحت عن العديد من أوجه النشاط الداخلي والخارجي والحدودي، والعديد من المناسبات الدينية والسلمية والحربية وغيرها. 

- وكان فنانو البلاط الملكي من النخبة المختارة من أبناء مدن الشمال والجنوب وهم "رواد هذا العصر"، اتسمت أعمالهم بالرصانة والهدوء لسمو الهدف الذي صنعت من أجله، ورغم قلة الآثار الفنية المنتسبة لعصر هاتين الأسرتين لاندثار معظمها أو تحطمها إلا أننا نلمس نجاح هاتين الأسرتين فيما أرادوه من صبغ الحضارة المادية المصرية بصبغة متجانسة، باتخاذهم العاصمة (منف) مركزًا للإنتاج الفني والإشعاع الحضاري للبلاد فتشابهت آثارهم التي تركوها عند رأس الدلتا مع آثارهم التي تركوها في مصر الوسطى والصعيد في خصائصها الرئيسية وإن تنوعت في أذواقها وتفاصيلها المحلية. 

- وذلك لاهتمام الفنان بعالم الأبديه، فكان تركيزه مُنصَبٌّ على كل ما يراه من حقائق ثابتة أو" خالدة " وصور كل ما توقع أن تمتد صلاحيته إلى عالم الآخرة، لذا لم تكن تعنيه اللحظات الوقتية ولا الظواهر العرضية الزائلة، لأنه كان يعمل وفق نظام خاص ومنهج فني له أسس وقواعد ثابتة، ثم إنه كان جزءا من هذا النظام، فلم تكن الرؤية الذاتية موضع اهتمامه، ولكن الأهم هو الالتزام بالمنهج الفني المتبع، ثم يأتي الحكم بجودة العمل الفني إذا تحقق فيه درجة الدقة والإتقان والمهارة الفنيه في أداءه.