تحولات الايديولوجية الصيونية (دراسة فى الصهيونية الجديدة وما بعد الصهيونية)
هذا الكتاب
يمثلُ محاولة لتشريح الداخل الإسرائيلى تشريحًا علميًا، فى ثلاثة فصول وتسعة مباحث. يعرضُ خلالها ما يموجُ به المجتمع الإسرائيلى المعاصر من اتجاهات فكرية متنوعة كالصهيونية الجديدة وما بعد الصهيونية. ولا غرو، فالمجتمع الإسرائيلى لا يمثل استثناءً عن عالمنا المعاصر، هذا العالم الغارق فى التعددية، وغياب المطلق، وانهيار الأيديولوجيات. ولذلك، يتبدى فى هذه المرحلة التى نحياها – مرحلة ما بعد الحداثة – مأزق الفكرة الصهيونية أكثر من أى وقتٍ مضى، تلك الفكرة التى تقدم نفسها أو يقدمها روادُها بوصفها أيديولوجية شاملة وعقيدة جامعة. وهكذا، وفى ظل عالم اليوم الذى يراجع مسلماته، ويُلقى بشكوكه على كل منتجات الماضى، تتداعى مقولات الصهيونية التقليدية، وتتبارى التيارات الفكرية المختلفة لسد الثغرات فى بنائها المتصدع، ففى حين يرنو تيار الصهيونية الجديدة إلى إسرائيل باعتبارها دولة ذات أساس دينى ويحاول تهويد مبادئ الصهيونية التقليدية، بغرض بلورة مجموعة من السياسات الأكثر تشددًا، فيما يتعلق بقضايا من طراز: هوية الدولة، قضية القدس، مشكلة اللاجئين، حدود الأراضى الإسرائيلية. يحاول تيار ما بعد الصهيونية تبنى رؤى أكثر ليبرالية فيما يخص مثل هذه القضايا.
والسؤال الذى يثيره هذا الكتاب: هل تمثل هذه التيارات الفكرية الجديدة، استمرارية وتواصل مع الأيديولوجية الصهيونية؟، أم تفكيك ونقد لها؟. وأيًا كان الأمر، فإنَّ ما لا يُختَلَف عليه، هو حاجتنا الماسة إلى دراسة الأيديولوجية الصهيونية والتيارات الفكرية الجديدة المصاحبة لها عن كثب، والولوج الى أقصى أعماق المجتمع الإسرائيلى، الذى يفرضُ واقعًا وجوديًا يتحتم معه شحذ الهمم وإعمال العقول للكشف عن حقائقه وأفكاره ومتغيراته.