صناعة الإرهاب العالمي

عاش العالم عقود طويلة بعد الحرب العالمية الثانية مخدوعًا، يتصور زوراً وبهتاناً أن أمريكا بلد الديمقراطية، وواحة الحرية، وقلعة حقوق الانسان الحصينة التي منها تشع نور الحريات وينتشر العدل على أرجاء المعمورة, باعتبارها القدوة الحسنة, ومبعوثة العناية الربانية, ثم اكتُشف أن كل ذلك مجرد وهم، وقناع ارتدته بلاد العم سام لتخدع العالم وتتاجر بآمال وطموحات شعوب مستغلة ضجرت من أنظمة ديكتاتورية صُنعت في الغرب بالأساس، ليكتشفوا أن حضن واشنطن ليس أمانًا، وصدرها الطيب ليس إلا وسيلة خبيثة لتحويل الملايين لعملاء وخونة، بدرجات متفاوتة وأشكال غير مشكوك فيها وقلوب بغيضة نحاول أن نقف عند أسباب البعد القيمي في ظل الفكر السياسي الاستراتيجي الأمريكي المعاصر الذي يكشف عن النوازع الأخلاقية التي يحركها البعد الذرائعي النفعي الذي يأخذ من القوة كدافع لغرض الهيمنة, ومن المنفعة محرض وغاية, وذلك كون الفكر الاستراتيجي الأمريكي يطرح فرضيات تقوم على الافكار الاقتصادية وفرض الهيمنة العسكرية القائمة على مبدأ القوة من جانب, والجانب الآخر القائم على التقويض الثقافي والقيمي عند الآخر, والذي يحاول تقديم نقد لتلك الثقافات بهدف الترويج السلعي الذي يتحقق من خلال تغيير البعد القيمي, وما نرجوا الوصول إليه هو كشف الوسائل التي تقوم عليها السياسة الأمريكية عبر فرض نمط معين من التعامل يتم من خلال استثمار الإمكانات العلمية والتقنية من أجل ترويج ثقافة معينة تخدم مصالحها في شتى المناحي, وعلى الجانب الآخر نجد أن المُحرض على هذه المقولات والأنماط المرغوب في نشرها أو فرضها هو التسلط على الآخرين من أجل الاستيلاء على ثروات بلادهم ونهبها بطرق مشروعة يراد بها باطل, مما يجعل هذه الشعارات والمغازلات ما هي إلا وسائل دعائية لتخلق خيال جمعي استهلاكي ليكون مبرر منطلق سيطرة السياسة الأمريكية على العالم والتلاعب بمقدراته بعيدًا عن الثوابت الأصيلة لأدبيات السياسة وأخلاقها من خلال ما تطرحه من نهاية القومية, وأيضًا الدولة العرقية, وتقسيم العالم إلى طرف منتج للبضاعة وطرف آخر مستهلك, وخلق مناخ مذهبي يجعل العرب بشكل خاص والمسلمين بشكل عام يتعرضون للتهميش نتيجة خلق المذهبية والطائفية والعرقية, كما هو موجود في العراق وسوريا واليمن وكثير من الدول الإسلامية كما فعلوا في مصر بين المسيحي والمسلم, والسني والشيعي في العراق وسوريا وبين الحيثيين في اليمن والسنة في السعودية. وكل ذلك للحفاظ على الأمن الإسرائيلي وجعل العرب دائمًا في حاجة لمن يحميهم وتبيع لهم الوهم. وأتمنى أن يفيق العرب ليعلموا أنهم أقوى من أمريكا ومن إسرائيل وأن الأمريكان يخدعونهم ليجعلوهم في ثبات وبيات شتوي دائمًا, ومجرد أن يفيقوا من غفلتهم تعطيهم أمريكا منومًا مرة أخرى لتصنع لهم بعبع وهمي أيضًا ولتجعلهم دائمًا مضطهدين دائمًا وملاحقين ودائمًا تضع لهم شرطي وتوهم أهل الخليج بذلك كما فعلت قديمًا وكانت إيران الشرطي ونفخت فيه روح الشرطي وبعدها كان صدام وبعدها رجعت إيران والآن الفتنة المذهبية وحرب الوكالة .. اللهم اجعل العرب دائمًا يقظين من غفلتهم وطرد قواعد الأوصياء وردع الخوف والاستكانة حتى يتفرغون للتنمية ووقف الاستيراد ويعيشوا على ما ينتجوه ويصنعوه لأنهم أخذوا بمقولة شراء العبد بدلاً من ربايته. والله المستعان.