التحولات الكبرى في المسيحية: رصد للأسباب والنتائج من خلال رسائل بولس الرسول
لقد ركز عيسى عليه السلام في دعوته لبني إسرائيل، على توحيد الله بالعبودية دون سواه، وقد آمن بها الحواريون، وأعلنوا ذلك صراحة؛ إذ قالوا لعيسى عليه السلام، كما أخبرنا بذلك القرآن الكريم، يقول الله تعالى: (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 56]، إلا أنه وبعد رفع عيسى عليه السلام، فقد حلَّ بأتباعه ما حلَّ بهم من اضطهادات من قبيل الأعداء، ودخل فيهم المنافقون، وأهل الأهواء إلى غير ذلك من العوامل التي حولت دين المسيح عليه السلام، من دين سهل ميسر بسيط إلى دين غاية في التعقيد، وانحراف عن الأصل الأصيل، الذي هو توحيد الله عز وجل بالعبادة إلى إضفاء الألوهية على عيسى عليه السلام، فاستبدل المسيحيون عبادة الله بعبادة المسيح، كونه إلها وابن إله وأن الله قد تجسد فيه، وحل فيه. وبهذه التحريفات صنعوا لأنفسهم دينا جديدا، لا يمت بأدنى صلة لدين المسيح عليه السلام، وسجلوا أصول تلك التحريفات في أسفار ورسائل، وأضفوا عليها صفة القداسة وخلطوا فيها الحق بالباطل، والغث بالثمين والطيب بالخبيث، وكذبوا فيها على الله عز وجل وعلى أنبيائه، وكل هذا كان من عمل بولس الذي يعد المؤسس الحقيقي لهذه الديانة الجديدة، والتي نسبها للمسيح عليه السلام، لا لشيء، وإنما لهدف رسمه هو لنفسه، وهو هدم وإعدام روح المسيحية الحقة التي أتى بها المسيح عليه السلام، والتي تتجلى في توحيد الله عز وجل بالعبودية دون سواه