اثار ما قبل التاريخ  

إن "ما قبل التاريخ" فى معناه العام هو ماضي الإنسان غير المكتوب وسجل مسيرته البشرية، وهو استقراء الماضى الذى يحوى بين طياته كل التطورات الحضارية التى مرت بها البشرية منذ أن قدر للإنسان أن يحيا على سطح الأرض.

لم يسجل إنسان ما قبل التاريخ أفكاره أو أعماله بأى شكل من الأشكال المكتوبة، وإنما ترك آثاراً صامتة من الأدوات والأسلحة و الأوانى وبقايا المنازل والمقابر وبقايا الرسوم والنقوش الصخرية. فنجد أنفسنا أمام ماضى بعيد لا نلمس منه إلا آثار نستقرؤها ، وأدوات نتدارسها .. ورسوم عبرت عن فكر وحياة الإنسان الأول فى لوحة اكتملت أو تكاد تكتمل أركانها من شتى أجزاء العالم، وكأنها مدرسة واحدة تخرج فيها هذا الإنسان ورحل يمينا ويسارا ناشرا أفكاره هنا وهناك ليسعى علماء الآثار خلف تلك الأفكار، مجمعين إياها فى صفحات تترجم حياة هذا الإنسان.

وهنا يكمن سر صعوبة العمل في عصور ما قبل التاريخ التي يعود الفضل في جلاء غموضها لأجيال عديدة من الباحثين الذين أخذوا على عاتقهم مهمة التفسير العلمي الصحيح للقضايا المتعلقة بأصل الإنسان وأصل الحضارة.

ولقد مرت عصور ما قبل التاريخ بمراحل عدة من التطور، كان لكل مرحلة منها سماتها ومظاهرها الحضارية، وسميت كل مرحلة منها بتسمية ميزتها عن بعضها البعض، وكانت البيئة هى القاسم المشترك بين هذه المراحل الحضارية.