مدخل الي علم الاثار 

ظل المؤرخون يتخبطون فى رواية سير الأمم وماضيهم الذى طوته السنين، وأساطيرهم وقصصهم التى كان منها ما يقترب للحقيقة، ومنها ما كان أقرب للخيال .. حائرين ما بين الحدث والتخمين إلى أن بدأ "علم الآثار" يفرض وجوده، يكشف الحقيقة عارية من غير لبس.

كانت بداية علم الآثار متمثلة بجمع الهواه للقطع الأثرية، إلى أن تطور الأمر وأصبح لعلم الآثار وجوده المعلن، وتحمل الأثريون على عاتقهم عناء ذلك، إذ عاشوا عمرهم مع الماضى وتاريخه وأساطيره، ساعين إلى كشف تاريخ الأمم، يحطوا الرحال حيث الأمل فى العثور على دلائل وجود حضارة ما، وبعد جهد وعناء تبدأ حفرياتهم، وقد يطول الحفر والتنقيب، وقد تطويهم الأيام بعد سنوات طوال دون أن يصلوا إلى بارقة أمل .. ورغم ذلك يسعوا وراء الفكرة والأمل المدفون فى التراب، إلى أن يعثروا - هم أو تلامذتهم - على أى من اللقى الأثرية فيعيد المؤرخون كتابة فصول التاريخ من جديد على ضوء ما كشف عنه علماء الآثار الذين يطلعوننا على حياة شعوب عاشت قبل آلاف السنين، وكان لها أثرها فى مجرى التاريخ.

فعلم الآثار هو علم استقراء الماضى من خلال الدلائل الملموسة التى خلفتها الأجيال السابقة، ولا يعرف علم الآثار حدودا زمنية أو جغرافية أو حسية، ففى كل لحظة هناك الجديد من الشواهد والأدلة التى تجعلك تغوص فى أعماق الماضى تستقرأة وتستنطقه لمحاولة فك ألغازه، وما الاكتشافات ونتائجها، وما سعى العلوم على تنوع اختصاصاتها ومجالاتها لاستقراء الماضى والوصول به إلى الحاضر الذى نعيش فيه إلا أكبر دليل على ذلك، ومن ثم كانت دراسة الآثار من خلال دراسة المخلفات المادية "كالعمائر والمباني، والأدوات والأعمال الفنية" من الأمور المهمة التى نخطوا بها إلى أفق الحاضر من سراديب الماضى البعيد.

وإذا كان من الصعب الوصول إلى تعريف دقيق لعلم الآثار، فإن من الممكن تحديد ميدان علم الآثار بأنه الكشف عن الأثر الإنساني المادي ودراسته وجلاء البيئة التي وجد فيها واستخلاص كل المدلولات الممكنة منه.