سكندريات آثارية إسلامية
قليلة هي المدن ذات الجذور البعيدة، قليلة هي المدن التي استطاعت أن تحتفظ بتاريخها محفورًا أو مسجلاً في آثارها ومبانيها. فالمدن ليست مجرد مبان وشوارع ومرافق يعيش ويتحرك وينتفع بها البشر لكن المدن تاريخ ومعاني تتجلى في آثارها ومبانيها وميادنيها. ومدينة الإسكندرية واحدة من هذه المدن القليلة ذات التاريخ الطويل الذي يتحدث عن نشأتها وازدهارها وذبولها، عن استقبالها الذي لم ينقطع طوال تاريخها لوافدين وجاليات وحضارات متتالية ومدى تأثرها بتلك الحضارات وتأثيرها فيها.
كما شهدت مدينة الإسكندرية طوال عصورها التاريخية الكثير من الطفرات العمرانية والمعمارية وامتداد المدينة في كل عصر إلى محاور متباينة وجهات متفرقة، حيث استحدث بها الكثير من الأساليب التخطيطية والنظم المعمارية وانتشرت بها أجناس شتى لسكان متعددي الهوية استوطنوا بها وتركوا بصماتهم على شوارعها وميادينها وعمائرها. ومازالت هذه الشوارع والميادين تحتفظ بالكثير من المعالم المعمارية التي ترجع إلى أزمنة متباينة وتختلف هذه العمائر في وظائفها وطابعها وأجناس أصحابها تبعًا للعصر الذي ترجع إليه. وفي هذا الإطار أقدم كتابي هذا الذي يتضمن مجموعة من العمائر الكائنة في شوارع وأحياء مدينة الإسكندرية بعضها يرجع إلى شخصيات مصرية والآخر إلى شخصيات عربية وأجنبية بعضها يحمل الطابع الإسلامي والآخر يحمل طرز جديدة شهدتها العمارة المصرية نتاج للمؤثرات الأوربية والجاليات الأجنبية التي فضلت أن تقطن وتعيش في الإسكندرية فصارت لها بصماتها الواضحة على الجوانب المعمارية والعمرانية في المدينة.
في ضوء هذا التقديم أقدم هذه الجولة الآثارية في شوارع وأحياء الإسكندرية المتباينة في مستواها الحضاري عبر مجموعة من العمائر المتعددة الوظائف والطرز الفنية والمعمارية والتي تنسب إلى فترات زمنية متباينة دلالة على قدم وعراقة هذه المدينة الخالدة.