التصميم الحضري: أسس ... معايير .. تطبيقات
تعتبر مرحلة التصميم العمراني ذات أهمية خاصة من بين مراحل التخطيط العمراني، ويعتبره المتخصصون في علم تخطيط المدن أنه الحلقة المفقودة في تخطيط وتنفيذ المدن والقرى وخاصة في العالم العربي وذلك من الناحيتين النظرية والتنفيذية.
فمن الناحية النظرية فبعد اعتماد المستوى الثالث من التخطيط العمراني وهو إعداد المخططات الشاملة والعامة تأتي مرحلة إعداد الدراسات التفصيلية والتي يجب أن تشمل التصميم العمراني التفصيلي لجميع المشاريع التنموية التطويرية "سكنية، تعليمية، تجارية، خدمية، ترفيهية، زراعية، صناعية، ..." في المدينة أو القرية وذلك حسب الأولويات والاحتياج على مدى الفترة الزمنية للتخطيط والتي تقدر بعشرين سنة.
يستهدف هذا الكتاب بالدرجة الأولى طلاب كليات ومدارس العمارة والتخطيط العمراني وكذلك المعماريين والمخططين العاملين في هذا المجال، حيث إنه من خلال ما يحتويه من الكم الهائل من المعلومات النظرية والتطبيقية والتي تم صياغتها بشكل مختصر ومباشر يشكل القاعدة العلمية التي تفيدنا من أجل الرقي والتقدم بهذا العنصر الهام من عناصر التخطيط العمراني.
ومن أجل إيصال المعلومة بشكل أبسط وواضح تم الإستعانة ببعض الوسائل الإيضاحية من صور ورسومات وجداول.
يتكون الكتاب من بابين رئيسين وكل باب مقسم الى مجموعة فصول تم صياغتها في تسلسل علمي ابتداءً من الفصل الأول الذي يتعرض للتعريف بالتصميم العمراني وأهميته من حيث الوظائف الحياتية ومتطلبات الجودة. كما يشمل التعريف بأهداف التصميم العمراني والأسس والمراحل الواجب اتباعها لتصميم أي مشروع عمراني، إبتداءً من مرحلة تحديد مكونات وعناصر المشروع مروراً بالدراسات الاقتصادية والتخطيطية ودراسة الأثر البيئي وصولًا الى معايير التخطيط والتصميم العمراني.
يتناول الفصل الثاني عرض توجهات التصميم العمراني الحديث المستقاة من كتاب "The Pattern Language"، حيث تم اختيار مجموعة مواضيع ترتبط بعناصر التصميم العمراني والتي رأى الكاتب أنها ستفيد في تطوير مدارك المتخصصين.
المدن التاريخية القديمة المنتشرة في عالمنا العربي تقدم لنا دروسا وحلولًا عمرانية على المستويات التخطيطية والعمرانية والمعمارية، يجب المحافظة عليها ودراستها دراسة عميقة والاستفادة من نتائجها للتطوير المستقبلي. ولأهمية هذا الموضوع تم تخصيص الباب الثالث الذي يتناول موضوع التجديد العمراني للمدن القديمة وتطوير المناطق المتخلفة، حيث تم التركيز على أهم عناصر التجديد العمراني وكذلك مراحل ومستويات التطوير العمراني والطرق المتاحة للتطوير.
يتعرض الكتاب في الفصول الرابع، الخامس، السادس والسابع لأهم عنصر من عناصر التصميم العمراني وهو التكوين العمراني. التكوين بمعناه الشامل ينقسم لقسمين أساسيين: وهما التكوين الكمي والتكوين النوعي. التكوين الكمي يشمل تحديد الإحتياجات الكمية من وظائف وخدمات وذلك وفق معايير التخطيط العمراني المعتمدة في كل دولة.
المعايير التخطيطية تنظم إستعمالات الأراضي المختلفة بالمدينة أو القرية أو لمشروع محدد. وهذه المعايير يجب أن تعكس المتطلبات الطبيعية والبيئية "المناخ والتضاريس" والإجتماعية "الدين والعادات والتقاليد" والإقتصادية "الدخل القومي ودخل الأفراد"، حيث من خلال تطبيقها يتم تنظيم توزيع الوظائف وفق أسس علمية وعملية.
التكوين النوعي يركز على جودة المشاريع العمرانية ويشمل التكوين العمراني الاجتماعي، التكوين العمراني الاقتصادي، التكوين العمراني البيئي والتكوين البصري. فمن ناحية التكوين العمراني الاجتماعي والاقتصادي يتناول الكتاب بالدراسة والتحليل التفصيلي العناصر العمراني التي تشجع الناس على الاستقرار والعمل والترفيه سواء على مستوى المجاورات السكنية أوى على مستوى المدن.
أحد أهم الاحتياجات التي لم تأخد حقها من الدراسة في مدننا العربية اليوم هو دراسة التكوين البيئي. ونظراً لأهمية هذا الموضوع على المستوى العالمي، فقد تناول الباب السادس بالدراسة والتحليل من خلال الوقوف على نتائج دراسة تحليلية قياسية إلى تحديد الجوانب الإيجابية والسلبية للحلول العمرانية والمعمارية في المدينة العربية الصحراوية مع التركيز على الجزء التقليدي القديم. وقد خلص هذا الفصل إلى وضع جملة من التوصيات ترسم في مجموعها منهجية عمل البيئة العمرانية والمعمارية الأكثر ملائمة للظروف والمعطيات المناخية.
يتناول الفصل السابع التكوين البصري على تحليل المدينة وفق نظرية كيفين لينش. لعل أحد أهم مشاكل معظم المدن العربية هو مشكلة الثلوث بجميع أنواعه وخاصة الثلوث البصري والسمعي. وقد تناول الكاتب هذا الموضوع بشيء من التحليل على المستويات التخطيطية والعمرانية وكذلك المعمارية وإقتراح الحلول المناسبة لكل مستوى.
ويخلص الكتاب من خلال ثلاثة ملاحق التي تتناول المراحل والخطوات العملية المتبعة في إعداد التصميم العمراني لمجموعة من مشاريع مختارة، شملت مشروع علاجي وآخر سكني والمشروع الثالث ترفيهي.
وفي النهاية نرجو أن نكون قد وفقنا في تقديم كل ما هو مفيد من أجل وضع الأسس العلمية والعملية لاكتمال العملية التطويرية والمثمثلة في الحلقة المفقودة والمتمثلة في التصميم العمراني.