المناجاه في الشعر العربي الحديث
دراسة نقدية مستقلة عن المناجاة المفردة والأسلوب، حيث تلك المواقف الوجدانية التي حلق في آفاقها الشعراء وأودعوها الأنفاس الصادقة والنبضات الحية الفياضة. وتناولت حديثا مفصلا عن المناجاة التي عرفت بين النقاد والدارسين والباحثين والقراء بأنها: الشعر الديني أو هي الابتهالات الدينية بما تشمله من تضرع ودعاء وتسابيح لله عز وجل، وحيث إن هذا المفهوم الشائع قد احتل مساحة بارزة من العقل الجمعي رأيت أنه لابد أن نتأمل المناجاة من جديد ونقرأ الدلالة بكل ما تشمله من معان لنعرف ما المناجاة وما ألوانها وما مواقفها، والأهم من كل هذا هل ينحصر مفهومها بالفعل في المناجاة الدينية فحسب، أم أن هذا المفهوم قد شاع حتى أصبح دلالة مستقرة في العقل والوجدان بلا دليل يدعمه، وكانت نتيجة البحث وخلاصة الدراسة: أن المناجاة هي لون من ألوان الخطاب الهامس، الخافت بين اثنين أو أكثر، وتشمل: مناجاة الخالق عز وجل ورسوله المصطفى ^ ومناجاة الطبيعة ومناجاة الشخوص، ومناجاة الزمان والمكان، والمناجاة الذاتية وغير ذلك، واستندت في هذا المفهوم الجديد وتلك الرؤية والقراءة المتسعة إلى القرآن الكريم الذي استخدم المناجاة - مفردة وأسلوبا - في مواضع عدة بما يدل على أن المقصود بها الحديث الخافت أو الهامس بين طرفين أو أكثر، كما استندت أيضًا إلى السنة المطهرة.
ويتضح لنا أن المفهوم الشائع عن المناجاة مفهوم غير دقيق، لكنه استقر فى وجدان معظم الدارسين والباحثين فى الثقافة العربية. لذا فإن هذا الكتاب أحسب أنه يحمل أهمية لما يتناوله من دلالة وقراءة ورؤية جديدة وتوضيح لمفهوم المناجاة ومواقفها، قديما وحديثا...
وقد اعتمدت المؤلفة في تحليلها للنصوص الشعرية من مختلف التيارات والمذاهب الشعرية، على قراءة وتأمل ومعايشة روح النص الشعري وآفاقه الرحبة عبر المفردات والتعابير والسياقات، ومحاولة قراءة وتأمل وجدان الشاعر الذي آثر أسلوب المناجاة – هنا - ليرسم به ما يموج في روحه ونفسه في تلك اللحظات المؤثرة. وقدمت إطلالة حية رقيقة متنوعة من الصور والمشاهد والمواقف الشعرية التي جاءت كلها تحت عنوان " المناجاة في الشعر العربي الحديث: دراسة نقدية".