دور تكنولوجيا المعلومات وأثره على المسار الديمقراطي

هذا الكتاب يناقش أن المجالس النيابية قد تحولت تدريجيًا من جهة تشريعية - حيث تكون مختصة في الأصل بجميع ممارسات السلطة التشريعية وفقًا لمبدأ الفصل بين السلطات- إلى أداة تستخدمها النخبة لخدمة مصالحها وابتعدت عن دورها الأصلي لحماية مصالح الشعب والتعبير عن آراء المنتخبين. بعبارة أخرى، يطرح الكتاب الفجوة بين قرارات المجالس النيابية من ناحية وتطلعات الرأي العام من ناحية أخرى، علمًا بأن هذه الفجوة قد تضيق أو تتسع، لتبتعد عن هدفها الأساسي وهو حماية المصالح المجتمعية من خلال الآليات الرقابية والتشريعية المنصوص عليها دستوريًا. ومن ثم تحول أعضاء المجالس النيابية تدريجيًا من "خادم لمصلحة الناخب" إلى لاعب أساسي في لعبة المصالح السياسية يصبح فيها النائب الرابح الأكبر ويفقد فيها المواطن أهميته. 

وهاهي تكنولوجيا المعلومات تتيح لنا الفرصة الذهبية للعودة إلى الديمقراطية المباشرة ليأخذ الفرد بزمام الأمور والإسهام بشكل فعلي في صنع القرار. فعن طريق العودة إلى الساحة العامة لهابرماس، تعود للفرد القدرة على استعراض كل الآراء –الصحيحة والخاطئة منها- واختيار الملائم منها وهي العملية المسماة بالرأي العام المستنير.

في أحيان كثيرة تُفهم الديمقراطية على أنها حكم الأغلبية وصندوق الانتخابات، وتُفهم الحقوق أكثر فأكثر على أنها ممتلكات خاصة للأفراد، لكن ذلك هو سوء فهم للحقوق وللديمقراطية. فلكي تنجح الديمقراطية، يجب أن يكون المواطنون نشطاء ومعنيين بشئون بلادهم، نظرًا لمعرفتهم أن نجاح أو فشل الحكومة هو مسئوليتهم المباشرة وليس مسئولية أحد سواهم. المواطنة في الديمقراطيات تتطلب حق المشاركة، لذا، على المواطنين تثقيف أنفسهم حول القضايا الحيوية التي تواجه مجتمعهم، لكي يتمكنوا على الأقل من الاختيار بشكل متنور. فالديقراطية اذاً تعنى بخلق المواطن المعنى بأمور وطنه ومعرفة ما له وماعليه من حقوق وواجبات.