صناعة الفقية

 لكل أمةٍ صناعة، وصناعة أمتنا الرجال، وصناعة الفقيه واحدة من تلك الصناعات الثقيلة التي تحتاجها الأمة كحاجتها للماء والهواء؛ فمستجدات العصر لا تقف ولا تنتهي عند حد؛ فنحتاج إلى فقيه النوازل الذي تأصَّل على فقه السَّلَف؛ ليواكب متغيرات العصر، وليثبت للعَالمَانيين والمتغربين وكل الأدمغة المستعمرة أنَّ الشريعة الإسلامية قادرةٌ على التجدد والاستمرار، وأنَّ الفقه الإسلامي يملِك في ذاته قوةَ التطور؛ عند تفعيله وإنزاله إلى أرض الواقع، ويوم أن كان الفقه قويًّا فتيًّا كانت الأمة في أَوْج مجدها وقمة حضارتها.

وهذا الكتاب أطلَّ ليكون مشروعًا لإنتاج الفقيه للأمة، ودليلًا واضحًا للمسلمين في تربية أولادهم على اكتساب الملكة الفقهية، ومرشدًا عمليًّا لطلبة الفقه النابهين إلى كيفية طلب الفقه بمنهجيةٍ وأساسٍ متين، ومعينًا لفقهاء النوازل الأفذاذ المجتهدين، ومقياسًا لحضَّانات الفقه في اكتشاف القدرات والمهارات الفقهية وتوجيهها نحو هذه الثَّغرة؛ للتخصص فيها والوقوف عليها. 

كيف ننشئ هذا الفقيه ونربيه ونسقيه الفقه؛ ليشربه ويتشربه فيتذوقه ويعشقه؟ وما الخطوات العملية لإخراجه للأمة الإسلامية؟ وما المحاذير والعقبات التي تواجهنا وتواجهه عند سلوك هذا الطريق؟ وكيف نتخطاها بيسرٍ وأمان؟ وما أقصرُ السبل وأسرعها في الوصول إلى مراتب الموقِّعين عن رب العالمين؟ وما الثمرات التي تجنيها الأمة من الاهتمام بالفقهاء وتربيتهم بالإعداد والإمداد؟ وكيف نصنع هؤلاء الفقهاء ونعيد للمدارس الفقهية حياتها وقوتها؟ ... كل هذا وأكثر أجبنا عليه بحول الله وقوته في «صناعة الفقيه».