انهيار الإتحاد السوفيتي وانعكاساته على المنطقة العربية
ان انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991 يمثل نقطة انعطاف ليس في تاريخ العالم الثالث وتاريخ الحركات الثورية فيالسياسة العالمية الذي بدأ عام 1917 فحسب بل وفي تطور العالم الاوسع منذ قيام الثورة الفرنسية عام 1789.
هذا الانهيار الذي فاق في سرعته وعنفه وبكيفيته كل ماكان يتصوره الجميع . وفي مواجهة تلك الواقعة الهائلة التي سوف تطبع ذاكرة التاريخ كان لابد من التوقف لرصدها ومتابعتها وتحليلها ليس فقط كحقائق هامة في ذاتها وفي دلالاتها الواسعة وانما بالذات من خلال تأثيراتها المباشرة وغير المباشرة على وطننا العربي الكبير .
هذا الكتاب يتناول بالبيان والتحليل تجربة البناء الاشتراكي في الاتحاد السوفيتي ويجيب عن سؤال لماذا انهار الاتحاد السوفيتي وكيف ؟ من خلال تحليل الاسباب الداخلية الايديولوجية والاقتصادية والسياسية , التي لعبت دورا أساسيا في عملية الانهيار اضافة الى العوامل الخارجية التي ساهمت أيضا عملية تقويض البناء الاشتراكي .
كما يلقي الكتاب الضوء على التحولات الاستراتيجية ذات الاهمية البالغة في منطقة الشرق الاوسط بشكل عام والمنطقة العربية بشكل خاص والتي هي في واقع الامر نتاجا موضوعيا للتغيرات الجذرية التي طرات على المنظومة الاستراتيجية العالمية والتي نجمت بدورها عن انهيار نظام القطبية الثنائية وانتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد المنظومة الدولية . ويلفت الكتاب ان منطقة الشرق الاوسط تعتبر من اكثر اقاليم العالم تأثرا بالتحولات الاستراتيجية في هيكلية المنظومة الدولية
وتتوصل هذه الدراسة إلى أن لنجاح عملية التحول الإشتراكي ينبغي ثلاث عناصر متساوية من حيث أهميتها ومرتبطة جدليا وتعتمد الواحدة على الأخرى. إنها الديمقراطية والمساواة وتشريك الجزء الأكبر من الإقتصاد، والديمقراطية تعني توفر حضور المؤسسات السياسية وتعزيزها وتفعيل دورها العامل كبح الإنفراد والإستبداد السياسي والدكتاتورية .
إن قروناً من الإستبداد القيصري في روسيا دلّت على غياب الحرية بكل أبعادها السياسية والإجتماعية والإقتصادية والثقافية الأمر الذي كان يتطلب ضرورة إزالة التركة الثقيلة للإستبداد القيصري وبناء وصياغة التعددية السوفيتية على أسس الحرية والإعتراف بالآخر المختلف وهذا لا يكفل إلا بقيام نظام عقلاني يتأسس على سيادة القانون والتكامل الأجتماعي والتداول السلمي للسلطة عبر الانتخابات التشريعية وتنشيط دور المجتمع المدني وحرية الرأي والتعبير بمعنى بناء النظام السياسي الديمقراطي.
ترتبط المساواة ارتباطا عضويا بالديمقراطية بوصفها ثاني العناصر الأساسية لتعريف الإشتراكية. العنصر الثالث الذي أثار الكثير من الجدل هي أن الإشتراكية تستلزم تشريك الإقتصاد بأخضاع الجزء الأكبر من وسائل النشاط الإقتصادي وخاصة القمم المهيمنة فيه لأشكال شتّى من الملكية والرقابة والإدارة الإجتماعية أو العامة.