مقدمة في قانون الفضاء الخارجي

أدت الخطوات الواسعة التي قطعتها التكنولوجيا النووية في ميدان الفضاء الخارجي، إلى تزويد المركبات الفضائية بقدرات هائلة لا تتمتع بها الأجسام الطائرة العادية. ففي إمكان هذه الأجسام أن تقطع مسافات بعيدة في الفضاء الخارجي بسرعة خارقة. فما كان يمكن تحقيقه في سنوات أصبح في متناول الإنسان في بضعة أيام. وقد أدى ذلك إلى تغير مفهوم الزمن ذاته. ولما كانت الطاقة النووية من أهم وأخطر مصادر الطاقة في الفضاء الخارجي، فقد عنى المجتمع الدولي بإخضاعها لتنظيم قانوني خاص يتناسب وطبيعة هذا المجال، ويكون من مقتضاه وضع ضوابط للاستخدام السلمي لمصادر الطاقة النووية في الفضاء الخارجي، في مرحلة مبكرة من بداية هذا الاستخدام، تفادياً لما قد يترتب على استخدامها من مخاطر وأضرار. كما أن توغل الإنسان في الفضاء الخارجي قد وسع من نطاق النشاط الإنساني. ولم يعد النشاط الأرضي للدول الكبرى، المصدر الوحيد لمخاوف المجتمع الدولي في عالم تهدده حرب شاملة تستخدم فيها أحدث أسلحة الدمار وأكثرها فتكا. فقد أصبح الفضاء الخارجي يمثل مرحلة خطر جديدة بما يوفره التقدم المستمر في تكنولوجيا الفضاء النووية من احتمالات استخدام هذا المجال في شن الحروب على الأرض، بوسائل جديدة تتميز بالسرعة والمباغتة والتدمير الشامل، وهو أمر يشكل خطرا حتميا على السلام العالمي. ونتج عن ذلك جدل قانوني وسياسي جعل استخدام الطاقة النووية، سواء على الأرض أو في الفضاء الخارجي، موضع اهتمام الدول والأفراد على مستوى العالم.

ولم يحظ استخدام الطاقة النووية في الفضاء الخارجي باهتمام الفقه العربي بعكس تركز اهتمامه باستخدامها على الأرض، رغم ما يمثله من أهمية خاصة في الدراسات القانونية، باعتباره جزءً من قواعد القانون الدولي للفضاء، الذي ازدادت قواعده وكثر الاهتمام به باعتباره ميداناً خصباً للدراسات القانونية.

لذا تناول هذا البحث، دراسة استخدامات الطاقة النووية في الفضاء الخارجي، ومدى قانونية هذا الاستخدام، وأثره علي الدول، بغية التوصل إلى نظام قانوني ينظم الاستخدام الآمن للطاقة النووية في الأغراض السلمية، سواء على الأرض أو في الفضاء الخارجي.