الأضاحى البشرية بين السحر والدين

تعد التضحية البشرية من الممارسات التي عرفها الإنسان منذ أن وجد طريقه على الأرض، وعند تناول هذا الموضوع لا سيما في عصور ما قبل التاريخ والعصور البدائية، فإننا حينئذ كتائه يحاول الوصول إلى طريق لا يعرف منتهاه، وكي يتسنى لنا فهم الغاية من تلك العادة علينا أن نترك العنان للخيال يسبح بنا في ماضٍ بعيد مظلم مليء بالوحشية نهاراً وبالخوف والفزع ليلاً وما بين هذا وذاك عاش الإنسان الأول بقدراته البائسة ورغبته في الحياة وخوفه من الغد بل من اللحظة القادمة.

وهو في سبيل ذلك كان على استعداد لتقدمة الغالي والنفيس كي يأمن عاقبة المخاطر التي تحيط به، فهو تارة يقدم قربان حيواني وتارة يقدم قربان بشرى وينتظر النتيجة، يترقب البيئة ويحتاط لها بالمزيد من الأضاحي حتى ينال رضى الإله!.

ولقد مارست أغلب شعوب الأرض في العالم القديم بل والحديث عادة التضحية البشرية، وكان ذلك انطلاقا من الفكر غير الواعي بحقيقة الإله الذي طالما سعوا إلى نيل مرضاته، ولا تزال هناك العديد من الشعوب تمارس تلك العادة حتى وقتنا الحالي.. ولابد أن تلك العادة كانت قد اتخذت أشكال مختلفة، وكانت لها بداياتها ودوافعها التي أدت بها إلى تواجدها وانتشارها في شتى أرجاء العالم. ومن ثم يحاول هذا الكتاب تناول عادة تقديم الأضاحي البشرية في العديد من البلاد وذلك وصولا لمعرفة المغزى منها، ومدى تشابهها واختلافها من مكان إلى مكان، لتوضيح الصورة قدر الإمكان عن تلك العادة القديمة والباقية إلى الآن لدى بعض الشعوب، وبعض القبائل البدائية النائية.