الدعوى الدستورية الفردية لحماية الحقوق والحريات الأساسية - دراسة مقارنة 

توجد صورتين للرقابة على دستورية القوانين؛ الأولى، هى الرقابة السياسية التى تمارسها هيئة يغلب على تشكيلها الطابع السياسى، كما هو الحال فى فرنسا، والثانية هى الرقابة القضائية التى تمارسها المحاكم، وهى الصورة الغالبة، وتعد امتداداً للأسلوب الأمريكى فى الرقابة على الدستورية، وتأخذ بهذه الصورة أغلب دول العالم، ومن بينها مصر.

يعود سبب اختيارنا لموضوع الدعوى الدستورية الفردية إلى ما لاحظناه من المشرعين الدستوريين فى العديد من النظم الدستورية إلى فتح المجال أمام الأفراد للتوجه مباشرةً بدعاوى من هذا النوع إلى القاضى الدستورى للدفاع عن حقوقهم وحرياتهم في مواجهة ما تصدره السلطات العامة من قوانين وقرارات إدارية، بل وأحكام قضائية نهائية أحياناً.

يقصد بالدعوى الدستورية الفردية تلك المكنة الدستورية التى يمنحها الدستور للأشخاص ذوى الصفة الطبيعية والمعنوية والتى بمقتضاه يستطيع ذوو المصلحة من الأفراد أو غيرهم - بصفة الاحتياط  - اللجوء مباشرة إلى المحكمة الدستورية بدعوى يتضرر فيها من التصرفات والأعمال الصادرة عن السلطات العامة والتى تمثل انتهاكاً لحقوقه الأساسية ملتمساً منها التدخل من أجل حماية حقه أو حريته التى تم انتهاكها سواء من جراء إصدار تشريع أو عمل قانونى من قبل السلطة التنفيذية أو عمل قضائى شريطة استنفاد كافة طرق التقاضى العادية أو غير العادية، ويعنى ذلك أن موضوع هذه الكتاب يتصل بموضوع أشمل هو موضوع أساليب تحريك الرقابة على دستورية القوانين. 

إن دراسة الدعوى الدستورية الفردية لا يخلو من فائدة، فى حماية حقوق وحريات الأفراد فى مواجهة السلطات العامة فى الدولة، وأيضاً من حيث دراسة مدى إمكانية الأخذ بها فى القانون المصرى فى شقها المتعلق بدورها فى حماية الحقوق والحريات، علاوة على إمكانية منح الأفراد مُكنة التوجه إلى المحكمة الدستورية العليا مباشرة بدعاوى أصلية بعدم الدستورية كلما كان هناك افتئات على حقوقهم وحرياتهم بسبب تشريع معين أو عمل قانونى من أى نوع.