عقود الماس

هي كلمات تزور العقل ولا تزاوره، فهي تسكن بين جنباته وتتخذ من ثكناته مأوًى لها، ولكن هذه الكلمات على كثرتها يضج بها العقل، ويريد أن يخرجها إلى النور، فالمجال لا يتسع لها بداخله، فإذا بتلك الكلمات تتصارع وتتناحر لكي تخرج عن نطاق العقل باحثة عن مكان آخر يتسع لها ويأويها.

ولكن أنَّى لهذه الكلمات أن تحيا، وأين تجد مسكنها ومأواها الذي تنشده وتتمناه، وهي تنشد الخلود والبقاء أمدا طويلا؟

إن هذه الكلمـات لا تجد مكانا تأوي إليه سوى الأوراق ، أو بين دفتي كتاب، فسرعان ما تنشطر هذه الكلمات عن العقل، وتسارع إلى الصفحات تسكنها وتزينها ببديع المحسنات والألفاظ، فهي تتنقل بين جنباتها كما يتنقل الطير بين الأيكات والأغصان.

فليس هناك يا أصدقائي من هن أطول عمرا من الكلمات اللاتي يبقين أبد الدهر، فهذه الكلمات لا تهلكن ولا تمتن بموت مبدعيها، ولكنها تظل تتردد على الأفواه والألسنة، يتشدق الناس بها، إذا ما كانت كلمات لها سحر الدوام.

ولهذه الأسباب جميعا، لم تجد كلماتي مستقرا لها سوى هذا الديوان، الذي يعد الديوان الرابع الذي أقدمه متشحًا بوشاح حُبِّ وود إلى القارئ العزيز.