قول صدق فى يوسف الصديق
ساءلتني نفسي قائلة: ما رأيك في التأويلات المتعـددة التي جاءت في كثير من آيات سورة يوسف عليه السلام؟
قلت: هل لك أن تضربي بعض الأمثلة؟
قالت: إليك ما يلي:
{ قولهم أن إظهار يعقوب عليه السلام حبه ليوسف وأخيه هو الذي أثار الحقد في صدور إخوته كما جاء في الآية الكريمة [ إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلالٍ مُبِينْ ] }.
{ وقولهم في الآية الكريمة [ وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ ]: فيقول البعض أن يوسف هم بمضاجعة امرأة العزيز . . . ويقول آخرون أن همه كان هم الخاطر . . . ويقول بعض المفسرين في " برهان ربه " أنه رأى صورة أبيه يعقوب يحذره . . . ويقول البعض أنه رأى جبريل يعاتبه . . . }
{ وقولهم في الآية الكريمة [ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا ]: فيقول البعض أن الشاهد كان رجلا من ذوي رحمها . . . ويقول آخرون أن الشاهد كان طفلا في مهده من ذوي رحمها أنطقه الله ليبرئ يوسف عليه السلام . . . }
{ وقولهم في الآية الكريمة [ ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوْا الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينْ ]: فيقول البعض في عبـارة [ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوْا الآيَاتِ ] أنه ظهر للعزيز وأهله ومن استشارهم بعد الدلائل القاطعة على براءة يوسف أن يسجنوه . . . ويروي آخرون أن امرأة العزيز لما استعصى عليها يوسف وأيست منه ، احتالت بطريق آخر ، فقالت لزوجها: إن هذا العبد قد فضحني في الناس يقول لهم : إني راودته عن نفسه وأنا لا أقدر على إظهار عذري ، فإما أن تأذن لي فأخرج وأعتذر ، وإما أن تحبسه . . . ويرى بعض المفسرين أن العزيز وأزواج النسوة اللاتي حضرن المتكأ الذي أعدته لهن امرأة العزيز لما رأوا افتتان نسائهم بيوسف لم يجدوا أمامهم بدا من أن يسجنوه . . . }
{ وقولهم في الآية الكريمة [ وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينْ ]: فيقول البعض أن يوسف لبث في السجن بضع سنين لأن الشيطان أنسى الساقي أن يذكر أمر يوسف للملك . . . ويقول آخرون أن يوسف إنما لبث في السجن بضع سنين ، لأنه اعتمد ووثق بالمخلوق ، وغفل أن يرفع حاجته إلى الخالق جل وعلا . . . }
وهنا سألت نفسي: هل لديك أمثلة أخرى ترغبين في ذكرها؟
فقالت: لدي الكثير . . . ولكني أفضل أن نقرأ السورة سويا وتخبرني برأيك فيما ذَكَرْتُهُ من أمثلة وفيما قد يعن لي من تساؤلات أثناء القراءة.
قلت: يا نفس أنت تعلمين أنني رجل عامي وأنني لست أهلا لأبدي رأيا في ما ذكرت ، بيد أنني أحس أن لدى العوام تأويلات أخرى لما ضَرَبْتِ من أمثلة.
قالت: تقول أنك عامي وأنت تحمل درجة الدكتوراه؟
قلت: إن المرء إذا لم يكن مشهودا له بالفقه في أي علم فهو يعتبر عاميا بالنسبة لهذا العلم ، وهذا هو الحال بالنسبة لي ، حيث أن درجة الدكتوراه التي أحملها لا علاقة لها بأي من علوم الإسلام.
فقالت نفسي: إن آراء المفسرين قدامى ومحدثين موجودة في الكتب إن لم تكن على أقراص إلكترونية ، فأنا أستطيع الوصول إليها ، لكني أبحث عن ما لدى العوام من تأويلات ، فهل لك أن تساعدني في ذلك؟
قلت: أنعم وأكرم سأحاول مساعدتك في ذلك شريطة أن تمهليني بين الحين والحين لأخاطب إخواني العوام مستطلعا رأيهم ، وشريطة أن لا تنسي أن ما أذكره لك هو من باب " فَـهْـمُ الْـعَـوَامِّ لِـكَـلامِ الْـمَـلِكِ الْـعَـلامْ " ، وعليك أن تتذكري دائما أن آراء علمائنا الأجلاء في تفسير القرآن الكريم هي الأصل.
قالت: لا بأس.
قلت: فلنبدأ بقراءة السورة كاملة من المصحف ، فإن ذلك قد يساعدني على استطلاع فهم العوام لكلام الملك العلام.
قالت: وذلك لا بد وأن يساعدني على استقصاء تساؤلاتي.