نهر الأباطرة - رواية
في رواية «نهر الأباطرة»، يكون الواقع أشدّ حضوراً من المتخيل، أي البناء السردي يتشكل ويتمفصل، وينتشر على مديات صفحات الرواية، استناداً على السيرة الذاتية المخضبة بالتخييل والتجربة، هنا يبرز لنا تساؤل مريب إلى أيّ مدى يمكن للذات المعتمدة على الواقع الوجودي أن تنجز تخييلها الذاتي، أو مدى تفاعل الذات مع التخييل، وعمق هذا التفاعل، وتأثيره، ذلك يتم عبْر صهر التجربة الواقعية في فضاءات المتخيّل، وهنا تكون مشاهدة جثة الغريق الملفوفة بالشباك، والعمل على أنسنة النهر، نتيجة الوعي بين التخييلي الفنّي والذاتي الواقعي، كحالة تثبيت وجود، وحالة فضح وإدانة، كل ذلك يأتي عن طريق تداخل السيرة الذاتية في أحداث العمل المتخيّل.
فالرواية تثير الحيرة في تصنيف إجناسيتها، نتيجة المزج بين جنسي السيرة والرّواية؛ لأن العلاقة بين السيرة الذاتية والرواية، هي علاقة ملتبسة بين جنسين سرديين، فقد أسرد سيرتي، لكن ذلك السرد ليس بالضرورة رواية، إلا في حالة إضفاء التخييل على جزئيات مكرّسة في السيرة تتقبل شروط الاستمرار والاندماج في الكتابة، ويتميز هذا الجنس السردي بأنه يتأسس على مركزية الأنا الساردة في النصِّ، وانطلاقه يكون من التجربة الواقعية المتفاعلة مع التخيّل، لكنه يتسم بميزة عالية ألا وهي التوجه الى عالم الذات والداخل.