لك وحدك

لوحة فنيّة رسمتها الشاعرة هدى درويش حين غنّت في ديوانها "لك وحدك" أغنية التماثيل بحروفها الشجيّة فاعتنقت الطبيعة, حاكتها ببراعة المُتألّم علّها تناجيها وتخفّف عنها وطأة "ترانيم عشقها النحيل" التي رغم ما أهدتها من أنغام الحب الصادق لتبعث فيها الروح إلاّ أنها خذلتها ... وخلعت عن الفراشة الشاعرة ألوانها الزاهية لتبكي شقائق الأقحوان ضياعها وتعجز "حمائمها" عن تبليغ وجعها الثقيل.

"أغنية التماثيل" هي أغنية ترنحت خلالها شاعرتنا الشابّة في ديوانها الهائج بين هدير موج غاضب ورياح عاتية وخرير واد شارد وأشعة شمس حارقة ودموع بدَتْ خالدة على أمل أن تروي نبتة عشقٍ تمسّكت بجذورها فوجدت نفسها واهمة وهي تحاكي لوحة عابرة ... كسلّة حاكها قصب النسيان عجزتْ تلك الدموع على إحيائها من جديد ... من عبق ياسمين تستمدّ  أمل التصافي حين غنّت هدى إلى تمثال واحد شكّل شجنها ملامحه وخلق منه تماثيل عدّة لتبحث في خباياها عن أمل ... ناجتْ كل قطرة مطر لامستْ زجاج نوافذها لتنسجم مع دموعها على مرافئ الانتظار التي لوّحت لها بخوف من القدر، قدرٌ "انطفأ في عينيه البريق" إلاّ أن الشاعرة أرادتْ أن تنطق جفونها  سرّا برائحة الياسمين لتشاركها الأنين لوعة لا تبارحها وتطرب لسماع أنغامها حتى تحظى بحبّ من جفاها وهي تروم البحر بمدّه وجزره ... بصمته وغضبه، بعطائه وغدره ... ألِفَتْ لغته وألِفَ نبضَ قلبها فتواترتْ نوتات العزف بينهما حتى كدتُ أشعر أن البحر احتضنها وأطاعها ليبوح من خلال قصائدها بحالة عشق دائمة ... عنيدة ... فعلّمها الغوص بين موج العشق وخيبات الحنين ... حينها سقطت متعبة وقررّت أن تستردّ دليل رحلة حبّ وتحتكرها وتحفظ تفاصيلها دون أن تكون قيداً يأسرها.