هندسة الموافقة
سلوك الأفراد والجماعات ... هو الهدف الرئيسى لأية إستراتيجية ترويجية سواء لترويج فكرة أو سلعة أو شخص، وحيث إن السلوك المطلوب قد يكون تضحية بمال أو جهد أو حياة فإن عمليات الإقناع وزرع الإيمان فى نفوس الأفراد تعتبر من دعائم تحفيز ذلك السلوك القوى الذى تتضاءل أمامه تلك الأشياء المراد التضحية بها، ومهندس الموافقة هو الرابح الوحيد فى هذه اللعبة أحادية الجانب، فيبذل فى ذلك الكثير من أجل أن يرفعه الأفراد فوق أعناقهم فى هتافات لا تنتهى، أو أن يزيدوا من ثروته على حساب إفتقارهم طواعية بكل رضا واستحسان. ولكى يحثهم على هذا السلوك المتصف بالتضحيه من أجله، كان عليه أن ينفذ من مشاعرهم إلى عقولهم، بالتركيز الذى يوجه تفكيرهم إلى سلعته وفكرته وشخصه واستبعادهم لأى فكرة مضادة له، فهو كالمنوم المغناطيسى.
من أجل ذلك المكسب المنشود دون ثمن، يستخدم مهندس الوعى فى عمليات تغيير قناعات الأفراد وتوجيهها إلى حيث يشاء بعض الآليات التى لا تعتمد بالأساس على التكنولوجيا المعقدة ولكنها تعتمد على بعض الأسس البسيطة المبنية على الصفات النفسية والسلوكية للأفراد، تلك الصفات التى هى ثابتة ومشتركة بين الإنسان الأقل تحضرًا والأكثر مدنية وتقدمًا، مما يجعلها آليات بسيطة ولكنها غير ملحوظة فى نفس الوقت، تغافل العقل والمعنى السليم حتى تنفذ إلى النفس وتقبع هناك حتى يتم إستدعاؤها.